عند باب الصمت!!
شعر: عبدالرحمن صالح العشماوي |
إلى
المسجد الأقصى وأكنافه المباركة
|
جَمَدتْ كفي، فما عادتْ تُشيرُ
|
جمّدتْها فتنٌ كُبْرى تدُورُ
|
جمدتْها أمَّةٌ يرمي الأعادي
|
صدرها وهْي إلى الرَّامي تَحُورُ
|
جمدتْها من دعاوى القوم ريحٌ
|
كلَّما هبتْ يَهُبُّ الزَّمْهريرُ
|
سائل يسأل عن صمتي وينسى
|
أنَّ صمت الحر تعبيرٌ مثيرُ
|
ما الذي تطلبُ مني؟ وحروفي
|
تتساقى الدَّمْعَ، والشِّعر كسيرُ؟!
|
ما الذي تطلب مني؟ والقوافي
|
في حناياها لظى حُزْنٍ يَمورُ؟!
|
جَمَدتْ كفي، فأصبحت مقيماً
|
عند باب الصمتِ، والشكوى تسيرُ
|
أَلجمتني يا أخي رؤيا وجوهٍ
|
من بني قومي تغشاهنَّ زُورُ
|
أنا قد ألجمني حجمُ الدعاوى
|
فهْو حجمٌ - لو تأملتَ - كبيرُ
|
دَحَلَ الغَدْرُ بنا حتى دَحَلْنا
|
في كهوفٍ لم يصافحهنَّ نورُ
|
عملاء البغي في قومي قلوبٌ
|
في حنايهنَّ شرٌّ مستطيرُ
|
شابهوا بعضاً عدوٌّ وعميلٌ
|
وكبيرٌ في الدَّعاوى وصغير
|
إنما يلتفُّ حولَ البغي قومٌ
|
ما لهم عرفٌ ولا فيهم نكيرُ
|
كبُرَ الجرحُ فلم تقدرْ حروفي
|
حَمْلَهُ فاستبطنَ الشعرَ الشعورُ
|
لا تَسَلني فجوابي في غيابٍ
|
منذُ أنْ ميز آلامي الحضورُ
|
أوَما تبصر في الأرضِ قتيلاً
|
دمه الممزوج بالطين يفورُ؟!
|
أوَما تبصر من أبناءِ قومي
|
مَنْ له فعلٌ مع الباغي خطيرُ
|
ترفعُ الرايةُ بالإسلام ديناً
|
واضحاً أنزله ربٌّ قديرُ
|
فلماذا يلتوي وجهٌ بغيضٌ
|
ولماذا يبرزُ الرأسُ الحسيرُ؟
|
ولماذا يكره الرايةَ قومٌ
|
ولماذا يهجمُ الكلبُ العقورُ؟
|
رايةُ الإسلام لا يكرهُ منها
|
خفْقَها إلا حقودٌ ومُبيرُ
|
كيف نجفو شرعةَ الرحمن فينا
|
ثم نرجو أن يُجار المستجيرُ؟!
|
أيها السائلُ، لا تسألْ، فدمعي
|
مثل دمعْ الشعر محبوسٌ أسيرُ
|
لم أزلْ أحبس من بركان شعري
|
ما لو اهتزَّ لخافته البحورُ
|
لو جرى يوما لما وافاكَ إلا
|
موجه الهادرُ، والسيل الغزيرُ
|
أنتَ تشكو، وأنا أشكو وقومي
|
في سباتٍ، وأراضي الحزمِ بُورُ
|
أظلم الليل، نعم - والله - لكنْ
|
في حنايا ليلنا فجرٌ منيرُ
|
أيها السائل، خُذْها من لسانٍ
|
خَلْفَه قلبٌ إلى الخير يطيرُ
|
سوف يبقى المسجدُ الأقصى كياناً
|
يتهاوى دونَه الباغي المغيرُ
|
إنما تنكشف الظلماءُ عنا
|
حينما يُتَّبَعُ الهادي البشيرُ
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق